وسور مدينتهم لا يهدم، ولا يسكن شيء من دورهم، لهم بذلك عهد اللَّه، وذمة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والخلفاء، والمؤمنين، لا يُعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية. (?)
5 - ويسجل عبادة في الصامت هذه السمات الحضارية للجزية في الإسلام، وهو يعرض الموقف الإسلامي الواضح على المقوقس عظيم القبط، فيقول: إما أجبتم إلى الإسلام. فإن قبلت ذلك أنت، وأصحابك فقد سعدت في الدنيا، والآخرة، ورجعنا عن قتالكم، ولم نستحل أذاكم، ولا التعرض لكم، فإن أبيتم إلا الجزية، فأدوا إلينا الجزية عن يد، وأنتم صاغرون، نعاملكم على شيء نرضى به نحن، وأنتم في كل عام أبدًا ما بقينا، وبقيتم، نقاتل عنكم من ناوأكم، وعرض لكم في شيء من أرضكم، ودمائكم، وأموالكم، ونقوم بذلك عنكم إن كنتم في ذمتنا، وكان لكم به عهد علينا (?).
ونلحظ ثانية كيف يتقدم المسلم بنفسه لحماية أهل الجزية، وأموالهم، ونرى فداءه لهم بماله ودمه نقاتل عنكم من ناوأكم، وعرض لكم في شيء من أرضكم، ودمائكم، وأموالكم، ونقوم بذلك عنكم.
6 - حرص المسلمين على الوفاء بعقد الذمة
وقد خشي الخلفاء أن يقصر المسلمون في حقوق أهل الذمة، فتفقدوا أحوالهم، ومن ذلك:
أ - ما رواه الطبري في تاريخه، في سياقه لحديث عمر إلى وفد جاءه من أرض الذمة، فقال عمر للوفد: لعل المسلمين يفضون إلى أهل الذمة بأذى، وبأمور لها ما ينتقضون بكم؟ فقالوا: ما نعلم إلا وفاء، وحسن ملكة. (?)