كان ابن عباس إلا غلاما صغيرًا؛ إذ كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم قال ابن عمر: نهانا عنها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما كنا مسافحين (?).
الوجه الثالث: الحظر مقدم على الإباحة.
قال صاحب المنار: وهو اجتهاد منه معارض بالنصوص ويقابله اجتهاد السواد الأعظم من الصحابة والتابعين وسائر المسلمين. (?)
ولا شك أن الحق مع الجماعة أقرب منه إلى الواحد، وخاصةً في مثل الصحابة.
الشبهة السادسة قالوا: إنَّ تَحْلِيلَ الْمُتْعَةِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ قَطْعِيٌّ، وَتَعْرِيفهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ ظَنِّيٌّ وَالظَّنِّيُّ لَا يَنسَخُ الْقَطْعِيَّ.
وقالوا: بأنَّهُ قَدْ ثبَتَ إِبَاحَتْهَا بالْإِجْمَاعِ، فَلَمْ يعْدَلْ إِلَى تَحْرِيمِهَا إِلَّا بالْإِجْمَاعِ
والجواب عليه من هذه الوجوه:
الوجه الأول: هذه الدعوى مرفوضة.
قال الشوكاني: فَيُجَابُ عَنْهُ أَوَّلًا بِمَنْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى، أَعْنِي كَوْنَ الْقَطْعِيِّ لَا يَنْسَخُهُ الظَّنِّيُّ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَيْهَا؟ وَمُجَرَّدُ كَوْنِهَا مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ غَيْرُ مُقْنِعٍ لمِنْ قَامَ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ يُسَائِلُ خَصْمَهُ عَنْ دَلِيلِ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ.
وَثَانِيًا: بِأَنَّ النَّسْخَ بِذَلِكَ الظَّنِّيِّ إنَّمَا هوَ لِاسْتِمْرَارِ الحلِّ لَا لِنَفْسِ الْحِلِّ، وَالِاسْتِمْرَارُ ظَنِّيٌّ لَا قَطْعِيٌّ وَأَمَّا قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} (إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) فَلَيْسَتْ بِقُرْآنٍ عِنْدَ مشْتَرِطِي التَّوَاتُرِ، وَلَا سنَّةٍ