قلنا: لعله كان يذكر ذلك على سبيل التهديد والزجر والسياسة، ومثل هذه السياسات جائزة للإمام عند المصلحة، ألا ترى أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله" (?).
ثم إن أخذ شطر المال من مانع الزكاة غير جائز، لكنه قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك للمبالغة في الزجر، فكذا ههنا واللَّه أعلم (?).
الوجه الثالث: عمر -رضي اللَّه عنه- لم يكن وحده الذي روى أحاديث التحريم بل وافقه الصحابة.
فعن عَبْدَ اللَّه بْنَ الزُّبَيْر أنه قَامَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا -أَعْمَى اللَّه قُلوبَهُمْ كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ- يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ -يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ- فَنَادَاهُ فَقَالَ: إِنَّكَ لجَلْفٌ جَافٍ فَلَعَمْرِى لَقَدْ كَانَتِ الْمُتْعَةُ تُفْعَلُ عَلَى عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْر: فَجَرِّبْ بِنَفْسِكَ فَوَاللَّه لَئِنْ فَعَلْتَهَا لأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ (?).
وعَنْ عِليٍّ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُلَيِّنُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَقَالَ: مَهْلًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ (الإِنْسِيَّةِ) (?).
وفي رواية: سمع علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- يقول لفلان: إنك رجل تائه، نهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (أي: متعة النساء).
وعن سالم بن عبد اللَّه قال: أتى عبد اللَّه بن عمر فقيل له: إن ابن عباس يأمر بنكاح المتعة، فقال ابن عمر سبحان اللَّه! ما أظن ابن عباس يفعل هذا! قالوا: بلى إنه يأمر به فقال: