فحكم بأن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وتغنم أموالهم، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لسعد: "قد حكمت فيهم بحكم اللَّه من فوق سبع سماوات" (?).
وعن بريدة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا حاصرت أهل حصن فسألوك أن تنزلهم على حكم اللَّه فلا تنزلهم على حكم اللَّه، فإنك لا تدري ما حكم اللَّه فيهم، ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك" (?). فدل هذان الحديثان الصحيحان على أن للَّه حكمًا معينًا فيما يكون ولي الأمر مخيرًا فيه تخيير مصلحة، وإن كان لو حكم بغير ذلك نفذ حكمه في الظاهر في كال من باب القتال فهو أولى أن يكون أحد الأمرين أحب إلى اللَّه ورسوله إما فعله وإما تركه، ويتبين ذلك بالمصلحة والمفسدة فما كان وجوده خيرًا من عدمه لما حصل فيه من المصلحة الراجحة في الدين، فهذا مما يأمر اللَّه به أمر إيجاب أو استحباب وما كان عدمه خيرًا من وجوده فليس بواجب ولا مستحب، وإن كان فاعله مجتهدًا مأجورًا على اجتهاده، والقتال إنما يكون لطائفة ممتنعة، فلو بغت ثم أجابت إلى الصلح بالعدل لم تكن ممتنعة، فلم يجز قتالها ولو كانت باغية، وقد أمر بقتال الباغية إلى أن تفيء إلى أمر اللَّه أي ترجع، ثم قال: {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ}، فأمر بالإصلاح بعد قتال الفئة الباغية كما أمر بالإصلاح إذا اقتتلتا ابتداء، وقد قالت عائشة -رضي اللَّه عنها- لما وقعت الفتنة ترك الناس العمل بهذه الآية. وهو كما قالت فإنهما لما اقتتلتا لم يصلح بينهما، ولو قدر أنه قوتلت الباغية، فلم تقاتل حتى تفيء إلى أمر اللَّه، ثم أصلح بينهما بالعدل. واللَّه تعالى أمر بالقتال إلى الفيء، ثم الإصلاح لم يأمر بقتال مجرد، بل قال {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} وما حصل قتال حتى تفيء إلى أمر اللَّه، فإن كان ذلك مقدورًا فما وقع -وإن كان معجوزًا عنه- لم يكن مأمورًا به.
وعجز المسلمين يوم أحد عن القتال الذي يقتضي انتصارهم كان بترك طاعة الرسول وذنوبهم وكذلك التولي يوم حنين كان من الذنوب يبين ذلك أنه لو قدر أن طائفة بغت