ندمت على ذلك، وقد أخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنها زوجته في الجنة كما في المستدرك وقال عمار: واللَّه إنها لزوجة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، كما في الصحيح بهذا المعنى.
وبهذين الدليلين وبوصف اللَّه لها في القرآن بأنها طيبة، تنقطع ألسنة الطاعنين في صحابة رسول اللَّه ومنهم أم المؤمنين. (?)
وكانت -رضي اللَّه عنها- إذا قرأت: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (الأحزاب: 33) بكت حتى يبتل خمارها، وكانت حينما تذكر الجمل تقول: وددت أني كنت جلست كما جلس أصحابي، وفي رواية ابن أبي شيبة: وددت أني كنت غصنًا رطبًا ولم أسر مسيري هذا. (?)
والعقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى، ولاشك أن عائشة -رضي اللَّه عنها- هي المخطئة؛ لأسباب كثيرة وأدلة واضحة، منها ندمها على خروجها، وذلك هو اللائق بفضلها وكمالها، وذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور، بل المأجور.
قال الإمام الزيلعي في نصب الراية: وقد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن أبي عتيق -عبد اللَّه بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق- قال: قالت عائشة -رضي اللَّه عنها- لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلًا غلب عليك -يعني ابن الزبير- فقالت: أما واللَّه لو نهيتني ما خرجت.
قال الشيخ الألباني: ولهذا الأثر طرق أخرى، فقال الذهبي في السير: عن قيس قال: قالت عائشة، وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها فقالت: إني قد أحدثت بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حدثًا، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت بالبقيع -رضي اللَّه عنها-، قلت -أي الذهبي-: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية وتابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة، قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة والزبير وجماعة من كبار الصحابة -رضي اللَّه عن الجميع- (?).