عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه مر بسوق المدينة، فوقف عليها، فقال: يا أهل السوق أعجزكم قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: "ذاك ميراث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم وأنتم هاهنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه قالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد، فخرجوا سراعًا إلى المسجد، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أبا هريرة فقد أتينا المسجد، فدخلنا، فلم نر فيه شيئا يقسم. فقال لهم أبو هريرة: أما رأيتم في المسجد أحدا؟ قالوا: بلى، رأينا قوما يصلون، وقوما يقرءون القرآن، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: ويحكم، فذاك ميراث محمد - صلى الله عليه وسلم -. (?)
الوجه الرابع: خوفه من كتمان العلم.
فلقد أكثر أبو هريرة من الحديث خوفا من كنمان العلم، فقال - رضي الله عنه -: وَالله لَوْلَا آيَتَانِ في كِتَابِ الله مَا حَدَّثْتكُمْ شَيْئًا أَبَدًا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} إِلَى قَوْلهِ {الرَّحِيمُ}. (?) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ كتَمَهُ أَلْجمَهُ الله بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". (?)
الوجه الخامس: حرصه على أن تتحقق فيه دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -
عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "نَضَّرَ الله امرأ سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَى يُبَلِّغَهُ، فرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ". (?)
الوجه السادس: سماع كثير من الصحابة والتابعين له، وعدم إنكارهم عليه - رضي الله عنهم - جميعًا:
فقد روى عنه جمع من الصحابة - رضي الله عنهم -.
قال الحاكم: وأنا ذاكر بمشيئة الله عز وجل في هذا رواية أكابر الصحابة - رضي الله عنهم - عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، فقد روى عنه: زيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عباس، وعبد الله ابن عمر،