حياة حافلة ذات مشاهد تستوقف الناظر المتتبع. هجرة من أرض بعيدة، وعيشة كفاف، وملازمة قوية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقتال الشرك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومحاربة الردة، ومشاركة في الفتوح، وتفان في الدفاع عن الخلافة، واعتزال الفتنة، وإذاعة لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يبق إلا الإسراع للقاء رب العالمين. ثم يوصى فيقول: لَا تَضْرِبُوا عَلَيَّ فُسْطَاطًا، وَلَا تتبعوني بِمِجْمَرٍ، وَأَسْرِعُوا بِي؛ فإني سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إذَا وُضِعَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ: قدموني قدموني، وإِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ السُّوءُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ: يَا ويْلَهُ أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِي". (?)
ودخل عليه مروان قبل لحظات موته فيقول: شفاك الله يا أبا هريرة، لكن أبا هريرة يحلق في أجواء أخرى، فلا يجيب مروان، ويلتفت لمناجاة ربه مناجاة الواثق الملئ اليدين بأفعال الخير المنتظر لرحمة ربه فيقول: اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي.
يقول المقبري: فما بلغ مروان أصحاب القطا حتى مات أبو هريرة. (?)
لكن ذكره الطيب سيبقى في قلوب المؤمنين إلى يوم القيامة.
واختلف في سنة وفاته: فقد ذكر خليفة بن خياط أن وفاته كانت سنة 57 هـ، وكذا نقل البخاري وفاته عن هشام بن عروة، وتردد ابن حبان، فذكر أن وفاته كانت سنة 57