جائزته فلما قدم المدينة قام إلى جنب المنبر وكان مرضيًا صالحًا فقال: ألم أجب ألم أكرم والله لرأيت يزيد بن معاوية يترك الصلاة سكرًا فأجمع الناس على خلعانه بالمدينة فخلعوه اهـ (?).
الوجه السابع: ذكر الأسباب التي دفعت معاوية إلى هذا.
السبب الأول: هو مراعاة المصلحة في اجتماع واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحَلِّ والعقد عليه حينئذ من بني أمية إذ بنو أمية يومئذ، لا يرضون سواهم، وهم عصابة قريش، وأهل الملة أجمع، وأهل الغلب منهم، فآثره بذلك دون غيره من يظن أنه أولى بها، وعدل عن الفاضل إلى المفضول حرصًا على الاتفاق، واجتماع الأهواء الذي شأنه أهم عند الشارع، ولا يظن بمعاوية غير هذا فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك، وحضور من بقي من الصحابة لذلك وسكوتهم عنه، دليل على انتفاء الريب فيه، فليسوا ممن يأخذهم في الحق هوادة، وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق فإنهم كلهم أجل من ذلك، وعدالتهم مانعة منه، وفرار عبد الله بن عمر من ذلك إنما هو محمول على تورعه من الدخول في شيء من الأمور مباحًا كان أو محظورًا، كما هو معروف عنه. ولم يبق في المخالفة لهذا العهد الذي اتفق عليه الجمهور إلا ابن الزبير، -والحسين-، وندور المخالف معروف ...
وأما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على الأبناء فليس من المقاصد الدينية إذ هو أمر من الله يخص به من يشاء من عباده، ينبغي أن تحسن فيه النية ما أمكن خوفًا من العبث بالمناصب الدينية. والملك لله يؤتيه من يشاء (?).