استنكاره ذم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: أن المغيرة بن شعبة لما ولي الكوفة كان يقوم على المنبر فيذم علي بن أبي طالب وشيعته، وينال منهم، ويلعن قتلة عثمان، ويستغفر لعثمان ويزكيه، فيقوم حجر بن عدي فيقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135]، وإني أشهد أن من تذمون أحق بالفضل ممن تطرون، ومن تزكون أحق بالذم ممن تعيبون. (?)
والمغيرة بن شعبة يحذره، فيقول له المغيرة: يا حجر، ويحك! اكفف من هذا، واتق غضبة السلطان وسطوته، فإنها كثيرًا ما تقتل مثلك، ثم يكف عنه.
فلم يزل كذلك حتى كان المغيرة يومًا في آخر أيامه يخطب على المنبر، فنال من علي بن أبي طالب ولعنه، ولعن شيعته (?)، فوثب حجر فنعر نعرة أسمعت كل من كان في المسجد وخارجه، فقال له: إنك لا تدري أيها الإنسان بمن تولع، أو هرمت! مر لنا بأعطياتنا وأرزاقنا؛ فإنك قد حبستها عنا، ولم يكن ذلك لك ولا لمن كان قبلك، وقد أصبحت مولَعًا بذم أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين، استجابةً لصرخة الثائر. فقام معه أكثر من ثلاثين رجلًا يقولون: صدق والله حجر! مر لنا بأعطياتنا؛ فإنا لا ننتفع بقولك هذا، ولا يجدي علينا، وأكثروا في ذلك.