المسلمين لرأينا لها موقفًا من جريمة عبيد الله بن عمر - رضي الله عنه -، لكن الحقيقة أنها شغبت وثارت على عثمان لأمرين:
الأول: الجانب المادي؛ لأنه أنقصها عما كان يعطيها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
الثاني: الجانب المعنوي؛ لأنها كانت تطمع إلى إعادة الخلافة لبني تيم وبالتحديد لطلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه -. سيأتي في الفصل القادم ذكر الموقف الصحيح لعائشة ولسائر الصحابة من مقتل عثمان، وأنه لم يشترك منهم أحد في مقتله، والروايات المخالفة لهذا الأصل العظيم إنما هي من وضع الرافضة والزنادقة كما سبق بيانه، وإذا عرفنا هذا الأصل عرف بطلان هذين الأصلين سواء الجانب المادي أو المعنوي؛ لأنهما مبنيان على الخروج والثورة من عائشة على عثمان، وهذا باطل. فبطل ما بني عليه كما ذكر في موضعه. وبقي هنا بعض الروايات التي لم تذكر هناك نذكرها ونذكر كلام أهل العلم عليها صحةً أو ضعفًا، ومنها: ما قاله اليعقوبي في تاريخه في أيام عثمان - رضي الله عنه -: وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر بن الخطاب، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله، فإن عثمان صعد يومًا ليخطب إذ دلّت عائشة قميص رسول الله، ونادت: يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبلَ، وقد أبلى عثمان سنته! فقال عثمان: رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم. (?)
وهذا الكلام لا إسناد له أصلًا فلا عبرة به.
ومنها ما قاله اليعقوبي: وصار مروان إلى عائشة؛ فقال: يا أم المؤمنين، لو قمت فأصلحت بين هذا الرجل وبين الناس، قالت قد فرغت من جهازي، وأنا أريد الحج، قال: فيدفع إليك بكل درهم أنفقته درهمين، قالت: لعلك ترى أني في شك من صاحبك؟ أما والله لوددت أنه مقطع في غرارة من غرائري، وإني أطيق حمله، فأطرحه في البحر. (?)