أن ابن عباس سأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره أنهما عائشة وحفصة، ثم ذكر قصة الإيلاء، كما في الحديث الطويل، فليس في هذا نفي لكون السبب هو ما قدّمنا من قصة العسل، وقصة السرية؛ لأنه إنما أخبره بالمتظاهرتين، وذكر فيه أن أزواج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يراجعنه، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى الليل، وأن ذلك سبب الاعتزال لا سبب نزول: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} .. هذا ما تيسر من تلخيص سبب نزول الآية، ودفع الاختلاف في شأنه، فاشدد عليه يديك؛ لتنجو به من الخبط والخلط الذي وقع للمفسرين. (?)

وقال ابن حجر: فيحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معًا.

الوجه الثالث: هل هناك صلة بين هذه القصة وبين اعتزال النبي نساءه شهرًا وهل كان الاعتزال مرتبطا بسورة التحريم أو بسورة الأحزاب؟

وأما عن صلة هذا التظاهر باعتزال النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهرًا.

ففيه ما رواه الدارقطني عن عمر قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأم ولده مارية في بيت حفصة، فوجدته حفصة معها، فقالت له: تدخلها بيتي ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك، فقال: "لا تذكري هذا لعائشة فهي علي حرام إن قربتها"، قالت حفصة: وكيف تحرم عليك وهي جاريتك؟ ، فحلف طا لا يقربها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تذكريه لأحد"، فذكرته لعائشة فآلي لا يدخل على نسائه شهرًا فاعتزلهن تسعا وعشرين ليلة، فأنزل الله {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآية. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015