سلمة وأعطي صحفة أم سلمة عائشة. (?)
وهذه رواية صحيحة، أما موضع الاعتراض فهو من الغيرة، ويرون فيها إساءة لأم سلمة.
والرد على ذلك من وجوه.
الأول: ما سبق ذكره وبيانه من أن الغيرة معفوُّ عنها في نحو هذه الحدود.
الثاني: ومن الجبلة والفطرة أن الإنسان ربما يغار، وخاصة إذا كان مع أهل الفضل، فنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- تصيبهن الغيرة، وهذا قد يكون -في بعض الأحوال- من أصالة المرأة؛ لأنها إذا كملت محبتها لزوجها تفانت في هذه المحبة إلى درجة أنها تغار، فلما أُتي بالطعام غارت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، فضربت القصعة فكسرتها وسقط الطعام، حتى ورد في الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل يقول: "غارت أمكم، غارت أمكم، غارت أمكم"، ومَنْ الذي لا يغار على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ! فلما كسر الإناء وذهب الطعام ندمت عائشة -رضي الله عنا-، وسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الأمر؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع سعي العبد إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ما صنعت، فأمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالضمان وقال: "إناء كإناء، وطعام كطعام" أي: اضمني إناءً مثل الإناء الذي كسرتيه، واضمني طعامًا مثل الطعام الذي أتلفتيه. (?)