الحديث السادس: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان اليهود يسلمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون: السام عليك، ففطنت عائشة إلى قولهم، فقالت: عليكم السام واللعنة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مهلًا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله" فقالت: يا نبي الله، أولم تسمع ما يقولون؟ قال: "أولم تسمعي أني أرد ذلك عليهم فأقول وعليكم". (?)

وفي لفظ عند مسلم أنه قال: "يا عائشة، لا تكوني فاحشة" (?).

والجواب من وجوه: الوجه الأول: إن عائشة قالت ذلك غضبًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما قالته إلا بعد أن تكرر هذا الفعل من اليهود ثلاث مرات كما تبين ذلك الرواية الصحيحة عن عائشة قالت: دخل يهودي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: السام عليك يا محمد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وعليك"، فقالت عائشة: فهممت أن أتكلم، فعلمت كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك، فسكت، ثم دخل آخر، فقال: السام عليك، فقال: "عليك"، فهممت أن أتكلم، فعلمت كراهية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لذلك، ثم دخل الثالث فقال. السام عليك، فلم أصبر حتى قلت: وعليك السام وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير! أتحيون رسول الله بما لم يحيه الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قالوا قولًا فرددنا عليهم". ورواه أبو نعيم أيضًا. (?)

الوجه الثاني: وعائشة قالت هذا من باب الانتصار، وهذا لا إثم فيه ولا عيب، قال تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} (الشورى: 41).

الوجه الثالث: ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشدها إلى الأفضل وهو الصبر وحسن المنطق عملًا بقول الله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (الشورى: 43).

الوجه الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معلمًا للجن والإنس، ومن الإنس أهل بيته ومنهم زوجاته رضي الله عنهن، وقد علمها الأفضل في هذا الأمر، ولا شك أنها استجابت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015