رابعًا: أن ما سماه الظروف المحيطة بالإفك تناقض أوله مع آخره. فبينما قال في الأول بانتقام الأنصار من المهاجرين وهذا في حد قوله يدل علي أن الحادث لا أصل له لأن المفروض أن الأنصار اختلقوه لينتقموا من المهاجرين. ثم عاد فذكر في الظرف الثاني أن عائشة انتقصت من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه تزوج عليها ففعلت ذلك مع صفوان.
فأي الأمرين يريد أن يقول؟ على أي حال الأمر الأول يدل على براءة عائشة، والثاني يدل على براءة الأنصار. ومن يضلل الله فما له من هاد.
خامسًا: وإذا كان هذا هو موقف الأنصار بصفة عامة، فما هو موقفهم من حديث الإفك؟
1 - لم يشارك أحد من الأنصار في حديث الإفك إلا ما كان من حسان نقلًا عن لسان المنافقين، وتاب الله عليه، وكفر عنه سيئته، وأقيم عليه الحد. وشهدت له بذلك عائشة - رضي الله عنها -.
2 - بل خرج من الأنصار من جزم ببراءة السيدة الصديقة - رضي الله عنها -، وهو أبو أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - والذي سأل زوجته أكنت تفعلين ذلك؟ قالت: لا. قال فعائشة أطهر منك وأولي أن لا تفعل ذلك. فنزل فيه وفي أمثاله قوله تعالي {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)} (النور: 12) (?).
وما موقف سعد بن معاذ وأسيد بن حضير ببعيد وهما من رهط الأنصار الذي يتحدث عنهم هذا الكاتب ويتهمهم بالانتقام من المهاجرين عن طريق حديث الإفك؟ .