مِنْهُ لَا لِلْعَمَلِ بِمَا قِيلَ، بَلْ لِئَلَّا يُظَنّ بِصَاحِبِهِ عَدَمُ المُبَالَاةِ بِمَا قِيلَ فِي حَقِّهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَوَارِمِ المُرُوءَةِ. (?)

هـ - لقد فاجأت هذه الحادثة سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في طور من إنسانيته العادية فأخذ يتصرف ويفكر كأي أحد من الناس في حدود العصمة المعروفة للأنبياء، فاستقبلها كما يستقبل مثلها أي بشر من الناس ليس له اطلاع على غيب مكنون ولا ضمير مجهول ولا قصد ملفق كاذب، فأخذ يقلب الأمر على وجوهه ويستعين في ذلك بمشورة أولى الرأي من أصحابه. (?)

وقال حسين الموسوي: إن المتتبع لقصة الإفك يتضح أمامه صورة كاملة للحرية التامة التي كان المسلمون يتمتعون بها في الفكر والتعبير والكلام، ... وهنا فريد أن نستنتج شيئًا أهم من هذه الحادثة، وهو: أن المجتمع الذي يصل فيه التعبير عن الرأي وحرية الكلام سواء أكان ذلك صحيحًا أو سقيمًا إلى هذه المرحلة بحيث لا يرعى في حرمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أنقذهم من الضلال والهلاك وهداهم إلى خير الدنيا والآخرة وخير البركات حتى أن نزلت آيات التأديب بحق الناس في ذلك المجتمع، هل يمكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحمل مجتمعًا مثل اهذا على أمر وهو مكره عليه إلا إذا كان ذلك الأمر من الله وبنص من كتابه، فحينئذ كانت الحريات الفكرية والاجتماعية كلها تتبخر أمام الأوامر الإلهية ويصبح الفرد والمجتمع أمام أوامر الله ونواهيه عبادًا مطيعين منقادين لا يسعهم إلا الامتثال لأمره والعزوف عن نواهيه. (?)

وأما انتقالها إلى بيت أبويها فلم يكن لتمرض هناك، بل طلبت الذهاب بعد أن نقهت من مرضها وسمعت بالخبر من أم مسطح لتستيقن الخبر من قبل أبويها؛ لأنه لا يليق بها أن تسأل زوجها عن ذلك، كما قالت هي عن نفسها في سياق القصة: وأنا حينئذ أربد أن أستثبت الخبر من قِبَلهما.

ز - وقولهم لم تتأثر بذلك لقوة شخصيتها: كذب لما يلي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015