أنه تعالى جعل الاقتداء والمتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - لازمة من محبته - عَزَّ وَجَلَّ - الواجبة، ولازمة للهداية والفلاح في الدنيا والآخرة، وما تلك الملازمة وسابقتها إلا شهادة من رب العزة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - على عصمته من الصغائر في كل أقواله وأفعاله.
أما السنة العطرة:
وهي تنضح وتشهد بعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصغائر في أحواله كلها حيث لم يعلم عنه الوقوع في صغيرة ولا الدنو من شيء منها.
فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نضر الله امرءًا سمع منا حديثًا، فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" (?)، فلو رأى الصحابة - رضي الله عنهم - أو سمعوا منه شيئًا مما أجازه عليه بعض أهل العلم من قربه الصغائر - وحاشاه من ذلك - لما فاتهم نقل ذلك منه ضمن ما نقلوه من أقواله، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته.
ولا يكون لأقواله وأفعاله ذلك الوصف التشريعي إلا بالقول بوجوب العصمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصغائر خلافًا عن لمن أجازها من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين تمسكًا بظواهر القرآن وبعض الأحاديث الصحاح التي تدل على عصمته من الصغائر.
واما إجماع الأمة على عصمته - صلى الله عليه وسلم - من الصغائر:
حكى القاضي عياض اتفاق السلف وإجماعهم على أنه لا يصدر عنه - صلى الله عليه وسلم - خبر بخلاف إخباره عنه فقال: أما ما ليس سبيله سبيل البلاغ من الأخبار التي لا مستند لها إلى الأحكام، ولا أخبار المعاد، ولا تضاف إلى وحي، بل في أمور الدنيا، وأحوال نفسه