الرحمة بالأسير أصل من أصول التعامل لا يجوز التخلي عنه تحت أي ظرف.
المطلب الثاني: كسوة الأسرى
لم يقتصر المسلمون على إطعام أسراهم من المشركين؛ بل إنهم كانوا يُقدّمون لهم الملابس أيضا، وهذا ثابت في الصحيح، فقد جعل البخاري -رحمه الله- بابًا في الصحيح سمّاه: باب الكسوة للأُسارى، وذكر فيه أن جابر بن عبد الله قال: (لمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، أُتِيَ بِأُسَارَى، وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فَنَظَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ الله بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْه فَكَسَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهُ ... ). (?)
المطلب الثالث: توفير المأوى لهم حتى يتمّ النظر في شأن الأسرى
كان المسلمون يجعلونهم في أحد مكانين، إما المسجد وهو أشرف مكان عند المسلمين، وإما بيوت الصحابة - رضي الله عنهم، - وكان المستهدف من إبقاء الأسرى في المسجد أن يَرَوْا أخلاق المسلمين وعبادتهم لعلهم يتأثّرون بها، فيدخل الإيمان في قلوبهم، وقد حدث هذا بالفعل مع بعضهم كثمامة بن أثال - رضي الله عنه -. (?)
وأما إبقاء الأسرى في منازل الصحابة - رضي الله عنهم - فكان هذا إكرامًا كبيرًا من المسلمين لهؤلاء الأسرى.
المطلب الرابع: عدم التعرّض لهم بالأذى.
الفطرة السليمة تأبى التعذيب للنفوس البشريّة، بل إنها لا ترضى بتعذيب الحيوان أو الطير، وقد ربَّى الرسول - صلى الله عليه وسلم - صحابته الكرام - رضي الله عنهم - على الرحمة.
فعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله قال: "مَنْ لَا يَرْحَمْ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ الله عزَّ وجلَّ". (?)
فكان الصحابة - رضي الله عنهم - نماذج عملية في الرحمة ببني البشر جميعًا مسلمين وغير مسلمين، وقد ذُكِر قبل ذلك إنكار الرسول - صلى الله عليه وسلم - ضرب غلامي قريش في أحداث بدر وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا صَدَقَاكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمَا، وَإِذَا كَذَبَاكُمْ تَرَكْتُمُوهُمَا، صَدَقَا وَالله إِنهما لِقُرَيْش. ." (?)، مع أن