فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فرَأَيْنَا حُمرَةً (?) مَعَهَا فَرْخَانِ، فأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتْ الحمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ (?)، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "مَنْ فَجَعَ هَذه بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا". وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ: "مَنْ حَرَّقَ هَذِه؟ "قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ". (?)

بل أبان - صلى الله عليه وسلم - لنا أنّ الإحسان إلى البهيمة من موجبات المغفرة.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "بينا رجل بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئرا، فنزل فيها، فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأخفه ماء، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له"، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: "في كل ذات كبد رطبة أجر" (?).

بل الأعجب من ذلك هذه القصة:

والتي رواها لنا أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ برَكِيَّةٍ. (?) قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ" (?).

فيوضح حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - أنّ الإساءة إلى البهائم، ربما أودت بالعبد إلى النار والعياذ بالله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِزَةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزلًا" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015