وعن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: فينا نزلت، كنا ضعفاء عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغداة والعشي، فعلمنا القرآن والخير، وكان يخوفنا بالجنة والنار وما ينفعنا والموت والبعث، فجاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فقالا: إنا من أشراف قومنا وإنا نكره أن يرونا معهم فاطردهم إذا جالسناك، قال: نعم، قالوا: لا نرضى حتى تكتب بيننا كتابًا، فأتى بأديم ودواة، فنزلت هذه الآيات {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} إلى قوله تعالى {فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} 1).
الوجه الخامس: بيان بعض أخلاق النبي (?).
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسله رب العالمين رحمة للناس ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وأدبه ربه بأحسن الأخلاق، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4]، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان رحمة بالصغير والكبير والشيخ والشباب والضعيف والقوي والمرأة والأطفال والصحيح والمريض والسقيم، ولم يكن فظًا ولا غليظًا وكان حريصًا على المؤمنين رؤوفًا بهم ورحيمًا بأمته - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128].
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - أَنَّ هَذه الآيَةَ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)} [الأحزاب: 45]، قَالَ فِي التَّوْرَاةِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ بِالْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئةَ بِالسَّيئةِ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ الله حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الملَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا الله فَيَفْتَحَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا) (?).