الضلال بمعنى: المحبة كما في قوله: {إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف: 95] أي: محبتك، ومعناه أنك محب فهديتك إلى الشرائع التي بها تتقرب إلى خدمة محبوبك (?).
قال القاضي عياض: قال ابن عطاء: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} أي: محبًا لمعرفتي، والضال المحب؛ كما قال: {إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف: 95] أي: محبتك القديمة، ولم يريدوا ههنا في الدين؛ إذ لو قالوا ذلك في نبي الله لكفروا، ومثله عند هذا قوله: {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف: 30] أي: محبة بينة (?).
المعنى السادس: أن الضلال بمعنى النسيان، فوجدك ضالًا أي: ناسيًا؛ كما قال: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]، وقال القرطبي (ضالًا) أي: ناسيًا شأن الاستثناء حين سُئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فأذكرك (?).
وقال الماوردى: ووجدك ناسيًا فأذكرك، وقال ابن الجوزي: ووجدك ناسيًا فهداك إلى الذكر؛ قاله ثعلب، وقال الرازي: ووجدك ضالًا أي: ناسيًا، فهديتك أي: ذكرتك، وذلك أنه ليلة المعراج نسي ما يجب أن يقال بسبب الهيبة، فهداه الله تعالى إلى كيفية الثناء حتى قال: "لا أحصي ثناء عليك" (?).
المعنى السابع: ووجدك متحيرًا في بيان ما نزل عليك فهداك إليه، فيكون الضلال بمعنى: التحير؛ لأن الضال متحير.
قال القاضي عياض: والضلال ههنا التحير؛ ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم - يخلو بغار حراء في طلب ما يتوجه به إلى ربه ويتشرع به حتى هداه الله إلى الإسلام؛ قال معناه القشيري ... ، وقال الجنيد: ووجدك متحيرًا في بيان ما أنزل إليك فهداك لبيانه لقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ}