والسورة نزلت في تعداد نعم الله ومننه على عبده وحبيبه - صلى الله عليه وسلم -، فكيف وأنَّى للأشقياء أن يجعلوها ذمًّا له - صلى الله عليه وسلم -؟ (هيهات، هيهات)، ثم عدَّد النعم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه آواه لما وجده يتيمًا، ووفق جدَّه عبد المطلب فَكَفَلَهُ بعد موت أبيه وأمه ثم كفله عمه أبو طالب مع أن أبا طالب له من الأولاد الكثير مع قلة ذات اليد ولكن الله ألقى في قلبه حُبَّ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.

ثم في مقام تعداد النعم يخبر عبده بنعمه الأخرى، إذ كان قبل البعثة لا يدري ما يُراد به من أمر النبوة والإيمان، فكانت نعمة الله أن هداه للنبوة وعلمه كما قال تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء: 113]، وكما في آية الضحى هنا إذ وجده ربه ضالًا عن النبوة لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان فهداه (?).

ثم يعدد الله سبحانه نعمه وفضله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأنه وجده عائلًا فقيرًا فأغناه بما أفاض عليه من النعم، وغنى النفس، والمقام السامي مقام النبوة خير مقامات أهل الأرض.

ثم كان الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - وللأمة من بعده، قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} [الضحى: 9 - 11]، فهي آيات تابعة لما كان بعد النعم المستفيضة السابقة، فكما وجدك يتيمًا فآواك فلا تقهر اليتيم، غافلًا عن النبوة لا تدري الكتاب ولا الإيمان فعلمك وهداك فلا تنهر السائل والمستفتي، وكما كنت عائلًا فأغناك، فحدث بنعم الله مِنْ أمنٍ وعلمٍ ومالٍ ولا تكتمها، فظهر لنا من هذا السياق أن هذه الآيات الثلاث توافق الآيات الثلاث التي قبلها فاستدللنا على معنى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} بقوله: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)}؛ لأنه السائل عن العلم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015