أَفَاحِيصَ، وَجِيء بِالأَنْطَاعِ فَوُضِعَتْ فِيهَا، وَجِيءَ بِالأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَشَبعَ النَّاسُ، وَقَالَ النَّاسُ: لا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ، قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهْي امْرَأَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْي أُمُّ وَلَدٍ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ حَجَبَهَا، فَقَعَدَتْ عَلَى عَجُزِ الْبَعِيرِ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا ... ". (?)
ثانيها: رضى صفية بالزواج من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يسمَّى زواجه منها اغتصابًا، والدليل على رضاها: أنها لو رفضت الزواج منه لتركها، وما أجبرها عليه كما فعل مع الجوينية؟
فعن عائشة: أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودنا منها، قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: "لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك". (?)
وفي رواية: عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اجْلِسُوا هَا هُنَا"، وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِي بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ في بَيْتٍ في نَخْلٍ في بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "هَبِي نَفْسَكِ لِي"، قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِالله مِنْكَ، فَقَالَ: "قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ"، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: "يَا أَبَا أُسَيْدٍ، اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ (?)، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا". (?)
وأما قولها للنبي: (سوقة) فقد قال ابن حجر السوقة عندهم من ليس بملك كائنًا من كان؛ فكأنها استبعدت أن يتزوج الملكة من ليس بملك، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد خير أن يكون ملكًا نبيًا، فاختار أن يكون عبدًا نبيًا تواضعًا منه - صلى الله عليه وسلم - لربه، ولم يؤاخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - بكلامها معذرة لها لقرب عهدها بجاهليتها. (?)
ثالثها: معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - لها لا تشير إلى أي إكراه أو اغتصاب: