والإخلاص عن ابن عباس - رضي الله عنه -. وثالثها: ويزكيهم عن الشرك وسائر الأرجاس، كقوله: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (?).
الوجه الثالث: معنى امتنان الله على الأمة ببعث نبي أمي
قال الماوردي: فإن قيل ما وجه الامتنان فإنه بعث نبيًّا أمِّيًا؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه: أحدها: لموافقته ما تقدمت به بشارة الأنبياء.
الثاني: لمشاكلة حاله لأحوالهم، فيكون أقرب إلى موافقتهم. (ربما ذلك لأن هناك من الأنبياء من كان أميًا، فإذًا الأمية غير ممتنعة على الأنبياء).
الثالث: لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعي إليه من الكتب التي قرأها، والحكم التي تلاها (?). وهذا كله دليل معجزته وصدق نبوته - صلى الله عليه وسلم -.
قال الأصبهاني: (تلاه): تبعه متابعة ليس بينهم ما ليس منها وذلك يكون تارة بالجسم وتارة بالاقتداء في الحكم (?).
الوجه الرابع: كُتاب الوحي دليل على أمية النبي - صلى الله عليه وسلم -:
قال ابن كثير: وهكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائمًا إلى يوم القيامة لا يحسن الكتابة، ولا يخط سطرًا ولا حرفًا بيده، بل كان له كتَّاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم.
ويذكر الكتاني اثنين وأربعين كاتبًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - (?).
قد يقول قائل أنه كان هناك كتبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما كان للملوك كتبة مع أنه من الملوك من كان يحسن القراءة والكتابة.
قلت: 1 - ما كان هذا من خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يتشبه بأخلاق الملوك.
وهو القائل: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (?).