هَاتَيْنِ". 32 فَقَال لَهُ الْكَاتِبُ: "جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالحقِّ قُلْتَ، لأنَّهُ الله وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ".

قلت: هكذا جاء النص في إنجيل مرقس كما في العهد القديم، أما متى ولوقا فقد قاما بحذف عبارة: اسْمَعْ يَا إِسرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ، وجاءت العبارة هكذا في إنجيل متى، حيث سأله الغربيين قائلًا في الفقرة: يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس؟ فقال له يسوع: وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمنْ كُلِّ فِكْرِكَ، هذه هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأنبِيَاءُ (متى 22/ 36: 40).

وفي إنجيل لوقا: فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرأ؟

فأجاب وقال: وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كلِّ قَلْبِكَ، وَمنْ كلِّ نَفْسِكَ، وَمنْ كلِّ قدرتك، مِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ (لوقا 10/ 26، 27).

وهذا يؤكد أن توحيد الربوبية والألوهية أساس الشريعة وأساس دعوة جميع الأنبياء عليهم السلام، وهذا ما صدقه القرآن في قوله -عز وجل-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، وقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25].

ومما يجدر بالذكر، أن سيدنا عيسى -عليه السلام- بين أنه لا وصية أعظم من هاتين الوصيتين، وأنهما أساس الناموس وأساس جميع دعوات الأنبياء، وبناء عليه، فلو كانت ألوهية عيسى -عليه السلام- ومشاركة الابن لله في ألوهيته، عقيدة حقة، والإيمان بها شرط ضروري للنجاة والخلاص الأخروي -كما نص عليه دستور الإيمان الذي تقرر بمجمع نيقية- لبيَّن عيسى -عليه السلام- ضرورة الإيمان بذلك ولم يكتمه، خاصة في هذا المقام الذي سئل فيه عن أهم الوصايا، فلما لم يذكر ذلك في هذا المقام، علم أن ألوهية عيسى ليست من وصايا الله - عز وجل - أصلًا. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015