الثالث: وأما عن قولهم إن الله تعالى نهى نبيه أن يكون مثله
كما في قوله: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} فإن لم يكن صاحب الحوت مذنبًا لم يجز النهي عن التشبه به وإن كان مذنبًا فقد حصل الغرض.
والجواب عليه من وجوه:
الأول: أن هذا النهي لم يكن عامًا في كل شيء وإنما في شيء مخصوص وهو العجلة والغضب والضجر (?).
قال ابن حزم: وإنما نهى الله عز وجل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - عن أن يكون كصاحب الحوت. فنعم نهاه الله عز وجل عن مغاضبته قومه وأمره بالصبر على أذاهم وبالمطاولة لهم، وأن يمضي لما أمر به من التبليغ واحتمال الأذى والمشقة، ونهى عن الضجر والعجلة التي وقع فيها يونس - عليه السلام -. (?)
وكان قتادة يقول في قوله: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ}: لا تكن مثله في العجلة والغضب.
قال قتادة: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)} يقول: لا تعجل كما عَجِل، ولاتغضب كما غضب. (?)
الثاني: ثناء الله تعالى عليه يدل على دربه منه سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)} [القلم: 50]، فشهادة الله ليونس بهذه الآية تنبهنا إلى عدم اتهامه بما يتنافى مع هذه الشهادة العظيمة.