قَالَ سُفْيَانُ: لَمْ تَزَلْ قَرْنَا الْكَبْشِ فِي الْبَيْتِ حَتَّى احْتَرَقَ الْبَيْتُ فَاحْتَرَقَا.
اعتراض على مسألة قرن الكبش:
قال الطبري معترضًا على من استدل بوجود قرن الكبش في مكة (في الكعبة):
وذلك أنه غير مستحيل أن يكون حُمل من الشام إلى الكعبة فعلق هناك (?).
فرد ابن تيمية قائلًا: فبعد أن استدل بقصة قرن الكبش قال: وَلهذَا جُعِلَتْ مِنًى مَحَلًّا لِلنُّسُكِ مِنْ عَهْدِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عليهِمَا السَّلَامُ وَهُمَا اللَّذَانِ بَنيَا الْبَيْتَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ إسحاق ذَهَبَ إلَى مَكَّةَ لَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا غَيْرِهِمْ، لَكِنَّ بَعْضَ المؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَزْعُمُونَ أَنَّ قِصَّةَ الذَّبْحِ كَانَتْ بِالشَّامِ فَهَذَا افْتِرَاءٌ. فَإِنَّ هَذَا لَوْ كَانَ بِبَعْض جِبَالِ الشَّامِ لَعُرِفَ ذَلِكَ الجبَلُ وَرُبَّما جُعِلَ مَنْسَكًا كَمَا جُعِلَ المُسْجِدُ الَّذِي بَنَاهُ إبْرَاهِيمُ وَمَا حَوْلَهُ مِنْ المُشَاعِرِ (?).
6 - الحجة السادسة: الاستدلال بما فرق الله بين الذبيح وإسحاق بذكرهما ذكرًا مستقلًا.
بعد ذكر الله تعالى المبشر به الذي صار ذبيحًا، والمبشر به الذي هو إسحاق، ذكر أحوالهما بقوله: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} [الصافات: 113]، فجعلهما اثنين مرتين، وإذ ثبت أن المبشر به أولًا غير المبشر به ثانيًا، والذبيح هو الأول، وإسحاق هو الثاني، ثبت ما ادعيناه. وأما القول بأن المراد ههنا بالاثنين هو إبراهيم وإسحاق عليهما السلام فهو تأويل ضعيف لوجوه:
1 - قد فرغ عن ذكر بركة إبراهيم -عليه السَّلام- بما سبق من قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)} [الصافات: 109 - 111).
ألا ترى فيما تقدم وتأخر من ذكر المرسلين كيف ختم ذكرهم بمثل هذه الجملة؟ .