عصمته من الشرك والكفر كلها فقد دلت النصوص الثابتة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم منذ نشأته من الكفر والشرك فلم يعهد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد لصنم أو استلمه أو إلى غير ذلك من أمور الشرك التي كان يفعلها قومه. فقد فطره الله على معرفته والاتجاه إليه وحده وهذا هو المعلوم من سيرته. فمن النصوص التي يستدل بها على هذا الأمر ما يلي:
الدليل الأول: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ هَذَا حَظّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ في مَكَانِهِ وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ. فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقَعُ اللَّوْنِ. قَالَ أَنَسٌ وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أثَرَ ذَلِكَ المخْيَطِ في صَدْرِهِ. (?)
فالحديث نص على إخراج جبريل لحظ الشيطان منه - صلى الله عليه وسلم - وتطهيره لقلبه فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه. وهذا دليل على تنزيهه من الشرك منذ صغره - صلى الله عليه وسلم -.
الدليل الثاني: عن زيد بن حارثة قال: كان صنم من نحاس يقال له: إساف، أو نائلة، يتمسح به المشركون إذا طافوا فطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطفت معه، فلما مررت مسحت به، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمسه" فقال زيد: فطفت، فقلت في نفسي: لأمسنه حتى أنظر ما يكون، فمسحته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألم تنه؟ " قلت: زاد فيه غيره، عن محمد بن عمرو بإسناده: قال زيد: فوالذي هو أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنمًا حتى أكرمه الله بالذي أكرمه وأنزل عليه. (?)