واختلفوا في الصغائر، والذي عليه الأكثر أن ذلك غير جائز عليهم، وصار بعضهم إلى تجويزها، ولا أصل لهذه المقالة (?).
قال ابن حزم: وذهبت جميع أهل الإسلام من أهل السنة والمعتزلة والنجارية والخوارج والشيعة إلى أنه لا يجوز البتة أن يقع من نبي أصلًا معصية بعمد لا صغيرة ولا كبيرة وهو قول ابن مجاهد الأشعري شيخ ابن فورك، والباقلاني. قال أبو محمد: وهذا القول الذي ندين الله تعالى به ولا يحل لأحد أن يدين بسواه (?).
والأدلة على ذلك.
قال الرازي: ويدل على وجوب العصمة خمسة عشر وجهًا.
الحجة الأولى: لو صدر الذنب عنهم لكان حالهم في استحقاق الذم عاجلًا والعقاب آجلًا أشد من حال عصاة الأمة، وهذا باطل، فصدور الذنمب أيضًا باطل وبيان الملازمة: أن أعظم نعم الله على العباد هي نعمة الرسالة والنبوة وكل من كانت نعم الله تعالى عليه أكثر كان صدور الذنب عنه أفحش، وصريح العقل يدل عليه ثم يؤكده النقل من ثلاثة وجوه:
الأول: قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} (الأحزاب: 32).
وقوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)} (الأحزاب: 30).
الثاني: أن المحصن يرجم وغيره يجلد.
الثالث: أن العبد يُحد نصف حد الحر.
الحجة الثانية: لو صدر الذنب عنهم لما كانوا مقبولي الشهادة، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} (الحجرات: 6).