2 - العصمة سبيل الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -:

إذا كانت العصمة في التبليغ للنبي - صلى الله عليه وسلم - لها دلالتها على حجية كل ما يبلغ من الوحي سواء كان متلوًا من القرآن الكريم، أو غير متلوٍ من السنة المطهرة، فالعصمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أقواله، وأفعاله، وتقريراته، وأوامره ونواهيه، مما هو ليس من باب البلاغ، مما كان في أمور الدنيا، وأحوال نفسه الشريفة، لها أيضًا دلالتها على الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم -.

ومن هنا جرت عادة علماء الأصول قبل كلامهم عن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - أن يقدموا عليها الكلام على العصمة؛ لأجل أنه ينبني عليها وجوب التأسي بأفعاله - صلى الله عليه وسلم - (?).

3 - القول بعصمة الأنبياء يحفظ العبد من الوقوع في الباطل.

قال القاضي عياض: قد استبان لك أيها الناظر مما قررناه ما هو الحق من عصمته - صلى الله عليه وسلم - عن الجهل بالله وصفاته أو كونه على حالة تنافي العلم شيء من ذلك كله جملة بعد النبوة عقلًا وإجماعًا وقبلها سماعًا ونقلًا ولا بشيء مما قررناه من أمور الشرع وأداه عن ربه من الوحي قطعًا وعقلًا وشرعًا وعصمته عن الكذب وخلف القول منذ نبأه الله وأرسله قصدًا أو غير قصد واستحالة ذلك عليه شرعًا وإجماعًا ونظرًا وبرهانًا وتنزيهه عنه قبل النبوة قطعا وتنزيهه عن الكبائر إجماعًا وعن الصغائر تحقيقًا وعن استدامة السهو والغفلة واستمرار الغلط والنسيان عليه فيما شرعه للأمة وعصمته في كل حالاته من رضي وغضب وجد ومزح فيجب عليك أن تتلقاه باليمين وتشد عليه يد الضنين وتقدر هذه الفصول حق قدرها وتعلم عظيم قائدتها وخطرها فإن من يجهل ما يجب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو يجوز أو يستحيل عليه ولا يعرف صور أحكامه لا يأمن أن يعتقد في بعضها خلاف ما هي عليه ولا ينزهه عما لا يجب أن يضاف إليه فيهلك من حيث لا يدرى ويسقط في هوة الدرك الأسفل من النار إذ ظن الباطل به اعتقاد ما لا يجوز عليه يحل بصاحبه دار البوار ولهذا ما احتاط - صلى الله عليه وسلم- على الرجلين اللذين رأياه ليلًا وهو معتكف في المسجد مع صفية فقال لهما:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015