وعن عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ، قِيلَ: مَنْ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: أُناسٌ صَالِحُونَ فِي أُناسِ سُوءٍ كَثِيرٍ مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ" (?).

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ المسْجِدَيْنِ كَما تَأْرِزُ الحيَّةُ فِي جُحْرِهَا" (?).

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض -رَحِمَهُ الله-: فِي قَوْله: (غَرِيبًا) رَوَى اِبْن أَبِي أُويس عَنْ مَالِك -رَحِمَهُ الله- أَنَّ مَعْنَاهُ فِي المَدِينَة، وَأَنَّ الْإِسْلَام بَدَأَ بها غريبًا وسيعود إليها. قال القاضي: وظاهر الحديث العموم، وأن الإسلام بدأ فِي آحَاد مِنْ النَّاس، وَقِلَّة ثُمَّ اِنْتَشَرَ وَظَهَرَ، ثُمَّ سَيَلْحَقُهُ النَّقْص وَالْإِخْلَال، حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا فِي آحَاد وَقِلَّة أَيْضًا كَمَا بَدَأَ (?).

وعَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ الله -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْني ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " ... " (?).

قال ابن عبد البر: وقد قيل في توجيه أحاديث هذا الباب: إن قرنه إنما فضل لأنهم كانوا غرباء في إيمانهم لكثرة الكفار وصبرهم على أذاهم وتمسكهم بدينهم، وإن أواخر هذه الأمة إذا أقاموا الدين وتمسكوا به وصبروا على طاعة ربهم في حين ظهور الشر والفسق والهرج والمعاصي والكبائر، كانوا عند ذلك أيضًا غرباء، وزكت أعمالهم في ذلك الزمن، كما زكت أعمال أوائلهم (?) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015