قال الْصنعاني: حَدِيث الْغُسْل وَإنْ لَمْ يُنْزِل أَرْجَح لَوْ لَمْ يَثْبُت النَّسْخ، لِأنَّهُ مَنْطُوق فِي إِيجَاب الْغُسْل وَذَلِكَ -حديث الماء من الماء- مَفْهُوم، وَالمنْطُوق مُقَدَّم عَلَى الْعَمَل بِالمُفْهُومِ. (?)
الوجه الخامس: بيان الحكم الفقهي من الحديثين.
أولًا: ذهب قليل من الصحابة وبه أخذ داود الظاهري. إلى أن الغسل لا يكون إلا من إنزال.
ويستدلون بالآتي:
1 - حديث "إِنَّمَا المُاءُ مِنَ الماءِ"
حديث زيد بن خالد الجهني:
أنَّهُ سَأَل عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ. قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّاُ لِلصَّلاةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُول-صلى الله عليه وسلم - فَسَألتُ عَنْ ذَلِكَ عَليَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ الله، وَأُبيَّ بْنَ كَعْبٍ -رضي الله عنه- فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. قَالَ يَحْيَى: وأخبرني أبو سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبا أيُّوبَ أَخْبَرَهُ أنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- (?).
حديث أبي بن كعب: قَالَ: سَألتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الرَّجُلِ يُصيبُ مِنَ المُرْأَةِ ثُمَّ يُكْسِلُ. فَقَالَ: "يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنَ المرْأَةِ ثُمَّ يَتَوَضَّاُ وَيُصَلِّي".
وفي لفظ. أنَّهُ قَالَ في الرَّجُلِ يأتي أَهْلَهُ ثُمَّ لا يُنْزِلُ قَالَ: "يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ. (?)
حديث أبي سعيد الخدري: أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَجَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ". فَقَالَ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ الله-صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ قُحِطْتَ، فَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ".
وفي لفظ مسلم أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ أَقْحَطْتَ فَلا غُسْلَ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ". (?)