الوجه الخامس: بيان بعض هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيف كان خلقه لمن تعرض له بالأذي وكيف عامله - صلى الله عليه وسلم -.
وفي هذا الوجه أسوق بعض الأمثلة لترى كيف كانت معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن تعرض له بالأذى سواء بالكلام أو بالفعل وتستطيع من خلالها أن ترى خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه كان لا ينتقم لنفسه وكان يصبر ويتحمل الأذى في مقابل دعوة الله - عز وجل - إلا أن تنتهك محارم الله فكان غضبه لله سبحانه.
النموذج الأول: في رحلته إلى الطائف:
أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ الله عَنْهَا - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ [عروة] أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ: "لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ الله قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الجبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ الله مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ الله وَحْدَهُ لَا يُشركُ بِهِ شَيْئًا" (?).
النموذج الثاني: الرجل الذي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - اعدل:
في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله - رضي الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُل رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالجعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّة وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْبِضُ مِنْهَا يُعطِي النَّاسَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ قَالَ ويلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب - رضي الله عنه - دَعْنِي يَا رَسُولَ الله فَأَقْتُلَ هَذَا المنافِقَ فَقَالَ مَعَاذَ الله أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي إِنًّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يجاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ" (?).
النموذج الثالث: الرجل الذي أخذ سيف النبي - صلى الله عليه وسلم - وهدده: