2 - قال عنه رب العالمين: {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ} أي: من قبله هديناه كما هديناه، ووهبنا له ذرية صالحة، وكل منهما له خصوصية عظيمة، أما نوح - عَلَيْهِ السَّلَام -، فإن الله تعالى لما أغرق أهل الأرض إلا من آمن به - وهم الذين صحبوه في السفينة - جعل الله ذريته هم الباقين، فالناس كلهم من ذرية نوح، وكذلك الخليل إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَام - لم يبعث الله - عَزَّ وَجَلَّ - بعده نبيًّا إلا من ذريته، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [العنكبوت: 27]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [الحديد: 26]، وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)} [مريم: 58] (?).
3 - دعوته لقومه لخوفه عليهم ولحب الخير لهم. قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)} [الأعراف: 59].
وقال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110)} [الشعراء: 106 - 110].
4 - من جزاء الله لنوح - عَلَيْهِ السَّلَام - ثناء الناس عليه. قال تعالى: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81)} [الصافات: 79 - 81].
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79)} مفسر لما أبقى عليه من الذي الجميل والثناء الحسن أنه يسلم عليه في جميع الطوائف والأمم {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} أي: هكذا نجزي من أحسن من العباد في طاعة الله، نجعل له لسانَ صدْق يذكر به بعده بحسب مرتبته في ذلك، ثم قال: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} أي: المصدقين الموحدين الموقنين (?).
أثبت الله التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين فيسلمون عليه بكليتهم، ثم إنه