عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عليهِ فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ " فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: "لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَر". (?)

وقال الله - عَزَّ وَجَلَّ - في كتابه المبين: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 183، 184].

قال ابن حجر: وَقَالَ عَطَاء: يُفْطِر مِنْ المَرَض كُلّه كَمَا قَالَ الله تَعَالَى ... وَقَالَ الحسَن وَإِبْرَاهِيم فِي المُرْضِع وَالحامِل إِذَا خَافتا عَلَى أَنْفُسهمَا أَوْ وَلَدهمَا: تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ، وَأَمَّا الشَّيْخ الْكَبِير إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَام فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَس بْن مَالِك بَعْدَمَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلّ يَوْم مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ. (?)

الوجه السادس: التكليف بالمستحيل ممنوع شرعًا.

إن شرط الفعل الذي وقع التكليف به أن يكون ممكنًا ومقدورًا عليه لأن المطلوب شرعًا حصول الفعل ولا يمكن حصوله إلا بأن يكون متصور الوقوع، وعلى هذا فلا يجوز التكليف بالمستحيل عند الجمهور وهو الحق وسواء كان مستحيلًا بالنظر إلى ذاته أو بالنظر إلى امتناع تعلق قدرة المكلف به. (?)

وقال ابن تيمية: وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِأَنَّ الْأَفْعَالَ الْمَأمُورَ بِهَا مَشْرُوطَةٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَالْقُدْرَةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ". (?)

وَقَدْ اتَّفَقَ المُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ المُصَلِّيَ إذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ وَاجِبَاتِهَا: كَالْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عليهِ مَا إذَا أَرَادَ فِعْلَهُ إرَادَةً جَازِمَةً أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015