يقول ابن قتيبة: وأما تكرار: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45)}، فإنه عدد في هذه السورة نعمائه، وأذكر عباده آلاءه، ونبههم على قدرته ولطفه بخلقه، ثم أتبع ذكر لكل خلة وصفها بهذه الآية، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين، ليفهمهم النعم، ويقررهم بها (?).

فكما سبق توضيحه لا بد للتكرار من هدف وغرض جاء له، وإلا كان ضربًا لغو الحديث.

وإلى صاحب الشبهة أقول: إن القرآن نزل على العرب، وقرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم، فما استطاع أحد منهم أن يعيب حرفًا واحدًا منه، والعرب بلا شك أعلم الناس بكلامهم وصوره التي يأتي عليها، سوًاء كان تكرارًا وإطنابًا وتأكيدًا، أو إيجازًا وحذفًا واختصارًا، ولو كان في القرآن مأخذ؛ لكان بلغائهم هم أول الناس طعنًا فيه وأخذًا عليه، فقد روي أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اتل علي مما أنزل عليك، فقرأ عليه سورة (الرحمن) فقال: أعدها، فأعادها ثلاثًا، فقال: والله إن له لطلاوة، وإن عليه لحلاوة، وأسفله لمغدق، وأعلاه مثمر، وما يقول هذا بشر، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله (?).

ففي الحديث دلالة على إعجاب هذا العربي بالآيات، وهو الخبير بالكلام وصنوفه شعره ونثره، وما عاب تكرارًا أو غيره في السورة، بل طلب إعادتها عليه، كذلك أن ابن مسعود - رضي الله عنه - جهر بقرائتها في المسجد؛ حتى قامت إليه أندية قريش فضربوه (?)، ولم يتخذ أحدهم ذلك فرصة للطعن والعيب في القرآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015