المعنى الخامس المراد بالورود: الإشراف عليها، والقرب منها، والاطلاع عليها.
الدليل: 1 - احتجوا بقول الله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)} [القصص: 23]، قالوا: فهذا ورود مقاربة، وإشراف عليه.
2 - قوله تعالى {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)} [يوسف: 19].
3 - من كلام العرب قول زهير بن أبي سلمى في معلقته:
فلما وردن الماء زرقا جمامة ... وضعنا عصا الحاضر المتخيم
والعرب تقول: وردت القافلة البلد وإن لم تدخله ولكن قربت منه. (?)
المعنى السادس: الورود هو الدخول للمؤمنين والكافرين:
1. والدليل على ذلك: عَنْ أَبِى سُمَيَّةَ، قَالَ: اخْتَلَفْنَا هَا هُنَا في الْوُرُودِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: لَا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقَالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعا، ثُمَّ يُنَجِّى الله الَّذِينَ اتَّقَوْا، فَلَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا اخْتَلَفْنَا هَا هُنَا في الوُرُودِ، فَقَالَ: يَرِدُونَهَا جَمِيعًا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ مَرَّةً يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا، فَقُلْتُ لَهُ إِنَّا اخْتَلَفْنَا في ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُنَا: لَا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقَالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا، فَأَهْوَى بِأُصْبُعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَالَ: صُمَّتَا إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ "الْوُرُودُ الدُّخُولُ لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ حَتَّى إِنَّ لِلنَّارِ - أَوْ قَالَ إِنَّ لِجَهَنَّمَ - ضَجِيجًا مِنْ بَرْدِهِمْ، ثُمَّ يُنَجِّى الله الَّذِينَ اتَّقَوْا وَيَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا" (?)