فهذه الأنواع من الضلال أخف من الضلال الذي يكون في أصول الدين عمدًا، ولا عن تأويل، وذلك كما في قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (?) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (?)} [إبراهيم: 2 - 3]، وقوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران: 164]، وقوله تعالى: {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)} [الملك: 9].

فهذا النوع من الضلال هو ضلال الكفر العمدي الذي ليس شيء أكبر منه وعلامته: أن يوصف بوصف بعيد، أو كبير، أو مبين، وما يشبه ذلك مما يشير إلى عظمه في باب الكفر، وإنما وصف أبناء يعقوب - عليه السلام - ضلال أبيهم بأنه مبين تشددًا في البذاءة وغلوا في السفاهة على جناب والدهم - عليه السلام - (?).

والخلاصة: أن مقصد أولاد يعقوب - عليه السلام - بالضلال أمور.

1 - أن يعقوب - عليه السلام - لفي خطأ من رأيه، وأخطئ مسلك الصّواب، وإنّما: أراد وأخطأ التّدبير للعيش لا الخطأ في الدين والاعتقاد، والتخطئة في أحوال الدّنيا لا تنافي الاعتراف للمخطئ بالنبوءة.

2 - أن يعقوب - عليه السلام - لفي شقاء.

3 - لفي ضلال عن طريق الصواب الذي يقتضي تعديل المحبة بيننا لأن نفعنا له أعم (?).

4 - جملة {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} تعليلًا للتعجّب وتفريعًا عليه، لا وصفًا على الحقيقة ظهر عفوًا عند الغضب (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015