المدينة، فخرج المسلمون من الاضطهاد ونصرهم الله بإخوانهم في المدينة عندما قاموا بالأسباب الموجبة لذلك. والملاحظ أن الصحابة تحملوا مرحلة الاضطهاد وواجهوها بالصبر ولكن مع عدم الاستكانة والرضى بالواقع، فأخذوا يعملون لإزالة ذلك الواقع حتى تمكنوا من رفعه (?).
فيعلم كل مسلم أن أهل الكفر والضلال ضد أهل الإسلام في كل زمان ومكان وذكر الله في أول سورة البقرة الناس وقسمهم إلى ثلاثة أقسام: مؤمنون وكفار ومنافقون فلا بد من العداوة بين أهل الإسلام وبين أعداء الله وإن لم تحصل العداوة فالأمر خطير.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118].
وقال تعالى: {وَلَا يَزَالونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].
وقال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109]. ولا شك أن عداوة الكفار للمسلمين ليست لأجل دنيا بل هي لأجل الدين قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120].
فالصراع بين الحق والباطل قائم إلي يوم القيامة؛ ولكن مآل الباطل الزهوق والذهاب، والحق مآله الانتصار والغلبة إن شاء الله تعالى كما قال تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)} [الإسراء: 81].
وقال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)} [الأنبياء: 18].