وعن قَتَادَةُ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَىٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. قُلْتُ لأَنَسِ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي. (?)

وأما الإطلاقان الثاني والثالث، فقال الزركشي: قال أبو الحسين أحمد بن فارسٍ في كتاب المسائل الخمس: جمع القرآن على ضربين: أحدهما: تأليف السور، كتقديم السبع الطُّوال، وتعقيبها بالمئين، فهذا الضرب هو الذي تولاه الصحابة - رضي الله عنهم -. وأما الجمع الآخر؛ فضمُّ الآي بعضها إلى بعضٍ، وتعقيب القصة بالقصة، فذلك شيءٌ تولَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخبر به جبريل عن أمر ربه (?).

وأما الإطلاق الرابع، فيتضمن مرحلتين: الأولى جمع متَفَرِّقِهِ في صحفٍ، وهو ما حدث في عصر الصِّدِّيق. والثانية: جمع تلك الصحف في مصحفٍ واحدٍ، وهو ما حدث في عصر عثمان بن عفان (?).

المبحث الثاني: كيف حفظ الله القرآن؟

والجواب أن الله حفظ القرآن بعدة أمور منها:

الأول: العناية بحفظ كتاب الله تعالى في السماء ثم في الأرض.

أولا: حفظ القرآن الكريم في السماء:

لقد حظي كتاب الله - عز وجل - بالحفظ والعناية منذ أن كان في السماء حيث أودعه الله كتابًا مكنونًا، وأقسم الله تعالى على هذه الحقيقة بقسم عظيم فقال: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة: 75 - 80]، وقال - عز وجل -: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 13 - 16].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015