الوجه الثالث: أن السبعة لم يكونوا قد خلقوا ولا وجدوا حين نطق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث الشريف.

قال ابن الجزري: فينبغي أن لا يتوهم متوهم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" أنه منصرف إلى قراءة سبعة من القراء الذين ولدوا بعد التابعين؛ لأنه يؤدي أن يكون الخبر متعريًا عن الفائدة إلى أن يولد هؤلاء الأئمة السبعة فيؤخذ عنهم القراءة، ويؤدي أيضًا إلى أنه لا يجوز لأحد من الصحابة أن يقرأ إلا بما يعلم أن هؤلاء السبعة من القراء إذا ولدوا وتعلموا اختاروا القراءة به، وهذا تجاهل من قائله، قال: وإنما ذكرت ذلك؛ لأن قومًا من العامة يقولونه جهلًا، ويتعلقون بالخبر، ويتوهمون أن معنى السبعة الأحرف المذكورة في الخبر اتباع هؤلاء الأئمة السبعة، وليس ذلك على ما توهموه؛ بل طريق أخذ القراءة أن تؤخذ عن إمام ثقة لفظًا عن لفظ إمامًا عن إمام إلى أن يتصل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم بجميع ذلك. (?)

قال الزرقاني: ومحال أن يفرض الرسول على نفسه، وعلى أصحابه ألا يقرؤوا بهذه الأحرف السبعة النازلة إلا إذا علموا أن هؤلاء القراء السبعة قد اختاروا القراءة بها، على حين أن بين العهدين بضعة قرون، وعلى حين أن هؤلاء القراء وسواهم إنما أخذوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق أصحابه ومن أخذ عنهم إلى أن وصلوا إليهم. فهذه الشبهة تستلزم الدور الباطل فهي باطلة. وتستلزم أيضًا أن يبقى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف" عاريًا عن الفائدة غير نافذ الأثر حتى يولد القراء السبعة المعروفون وتؤخذ القراءة عنهم. وذلك باطل أيضًا يكذبه الواقع من قراءة النبي صلوات الله وسلامه عليه، وقراءة أصحابه وتابعيه بالأحرف السبعة من قبل أن يولد القراء السبعة المعروفون (?).

الوجه الرابع: لو كانت القراءة محصورة بسبع روايات لسبعة من القراء؛ لوجب أن لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015