وقال القراب في الشافي: التمسك بقراءة سبعة من القراء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنة، وإنما هو من جمع بعض المتأخرين فانتشر، وأوهم أنه لا تجوز الزيادة على ذلك، وذلك لم يقل به أحد.
وقال الكواشي: كل ما صح سنده واستقام وجهه في العربية ووافق خط المصحف الإمام فهو من السبعة المنصوصة ومتى فقد شرط من الثلاثة فهو الشاذ.
وقد اشتد إنكار أئمة هذا الشأن على من ظن انحصار القراءات المشهورة في مثل ما في التيسير والشاطبية، وآخر من صرح بذلك الشيخ تقي الدين السبكي فقال في "شرح المنهاج": قال الأصحاب: تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بالقراءات السبع، ولا تجوز بالشاذة. وظاهر هذا يوهم أن غير السبع المشهورة من الشواذ، وقد نقل البغوي الاتفاق على القراءة بقراءة يعقوب وأبي جعفر مع السبع المشهورة وهذا القول هو الصواب. (?)
قال القرطبي: وقد قيل: إن المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "انزل القرآن على سبعة أحرف" القراءات السبع التي قرأ بها القراء السبعة؛ لأنها كلها صحت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا ليس بشيء لظهور بطلانه. لذا قال كثير من علمائنا كالداودي، وابن صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف. ذكره ابن النحاس وغيره. (?)
قال ابن تيمية: لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن (الأحرف السبعة) التي ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القرآن أُنزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة؛ بل أول من جمع قراءات هؤلاء هو الإمام أبو بكر بن مجاهد، وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد، فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات الحرمين والعراقين والشام؛ إذ هذه الأمصار الخمسة هي التي خرج منها عِلْم النبوة من القرآن وتفسيره، والحديث والفقه من الأعمال الباطنة