الوجه التاسع: من القراء العشر من كان إمامًا في النحو، ومع ذلك كان يخالف مذهبه في النحو لأجل القراءة مما يدل على أن الأصل التلقي لا لخلو المصحف من الشكل والنقط.
الوجه العاشر: أجمع المسلمون على تواتر قراءات الأئمة العشرة، وثبوتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق القطع واليقين.
الوجه الحادي عشر: القراءة ليست على الأفشى اللغة والأقيس في العربية؛ بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: القراءات نزلت من عند الله وليست ناشئة من خلو المصاحف من النقط والشكل.
قال أبو عمرو الداني: وهذه القراءات كلها، والأوجه بأسرها من اللغات، هي التي أنزل القرآن عليها، وقرأ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقرأ بها، وأباح الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - القراءة بجميعها، وصوب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قرأ ببعضها دون بعض. (?)
ومما يدل على ذلك الأحاديث الدالة على نزول القرآن على سبعة أحرف.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ". (?)
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي المَسْجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قَرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ، دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ. فَحَسَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَأْنَهُمَا. فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنْ التَّكْذِيبِ وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا قَدْ غَشِيَنِي. ضَرَبَ فِي صَدْرِي. فَفِضْتُ عَرَقًا، وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى الله - عز وجل -