تعالى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} [الحج: 2] أي: وترى الناس سكارى
بالإضافة إلى أهوال يوم القيامة مجازًا، وما هم بسكارى بالإضافة إلى الخمر حقيقة.
وكذلك قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8]، وقوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأنفال: 21]،
وقوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: 198]، فإنه لا يلزم من نفي النظر نفي الإبصار لجواز قولهم: نظرت إليه فلم أبصره. (?)
الخامس: بوجهين واعتبارين، وهو الجامع للمفترقات:
وذلك مثل قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: 198].
قال قطربُ: في قوله تعالى: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22] أي: علمك ومعرفتك بها قوية، من قولهم: بصر بكذا وكذا - أي: علم، وليس المراد رؤية العين، قال الفارسي ويدل على ذلك قوله: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ} وصف البصر بالحدة. وكقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: 28] مع قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2]، فقد يظن أن الوجل خلاف الطمأنينة، وجوابه: أن الطمأنينة إنما تكون بانشراح الصدر بمعرفة التوحيد، والوجل يكون عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدى فتوجل القلوب لذلك.
وقد جمع بينهما في قوله: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23]، فإن هؤلاء قد سكنت نفوسهم إلى معتقدهم ووثقوا به فانتفى عنهم الشك. (?)
السادس: تفهم تعارض الآية أو الآيات مع الأحاديث النبوية:
فقد يتوهم قارئ القرآن الكريم حين القراءة أن هذه الآية أو الآيات التي يقرؤها تتعارض مع حديث أو أحاديث يعرفها، وباعتبار أن القرآن الكريم والسنة النبوية هما