تقيم به عليه حجة الله: {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} أي: وهو آمن مستمر الأمان حتى يرجع إلى بلاده وداره ومأمنه {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} أي: إنما شرعنا أمان مثل هؤلاء ليعلموا دين الله وتنتشر دعوة الله في عباده" (?).
والدليل عليه من السنة ما رواه علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منهم صرف ولا عدل" (?). ورُوي أيضًا عن أم هانئ -رضي الله عنه- أنها قالت: يا رسول الله، قد أجرت أحمائي وأغلقت عليهم، وإن ابن أمي أراد قتلهم، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ، إنما يجير على المسلمين أدناهم" (?).، وأجارت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنها أبا العاص بن الربيع، فأمضاه -صلى الله عليه وسلم- لها (?).
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يد المسلمين على من سواهم، تتكافأ دماؤهم، ويجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم" (?).
الفرق بين الأمان والذمة والهدنة.
لابن القيم- رحمه الله تعالى-كلام نفيس في الفرق بين هذه المصطلحات الثلاثة وما يترتب عليها من أحكام، حيث يقول: "الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد؛ وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل ذمة، وأهل هدنة، وأهل أمان، وقد عقد الفقهاء لكل صنف بابًا فقالوا: باب الهدنة، باب الأمان، باب عقد الذمة، ولفظ الذمة والعهد يتناول هؤلاء كلهم في الأصل، وكذلك لفظ الصلح، فإن الذمة من جنس لفظ العهد والعقد، وقولهم: هذا في ذمة فلان أصله