بل صرح الإمام الماوردي بجواز أن يتولى الذمي وزارة التنفيذ دون وزارة التفويض (?).
لقد أطلق الإسلام على غير المسلمين الذين لهم ذمة أهل الذمة وعاملهم بها وهي تعني: العهد والأمان والضمان، والحرمة والحق (?) وهو عهد منسوب إلى الله عز وجل وإلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال ابن الأثير: "وسمي أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم" (?).
إن قوة هذا الدين وسلامة قواعده وتنوع أساليبه أوجدت مجالًا خصبًا للحوار والحرية والإبداع في المجتمع المسلم (?). وإن من يأخذون ببعض النصوص من الكتاب أو السنة ويريدون تطبيقها في معاملة غير المسلمين يخطئون في فهم منهج الإسلام وطبيعته، فالواجب أن تؤخذ نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة كاملة، وتقرر معاملة المسلم مع غيره في ضوئها وعلى هديها، وفي القرآن العظيم آيات لا تحصر في الأمر بالبر والصلة والإحسان والعدل والقسط والوفاء بالعهد، والنصوص في ذلك مطلقة تستوعب كل أحد؛ بل إن نصوص الإحسان تشمل حتى الحيوان وفي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" (?)، وقال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} (البقرة: 195)، وقال: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (البقرة: 83)، وفي ظل هذا المفهوم العام للإحسان كان هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في معاملة غير المسلمين (?).