(إن الإنسانية والتسامح العربي هما اللذان دفعا الشعوب ذات الديانة المختلفة إلى أن تعيش في انسجام مدهش، وأن تبدأ نموها وتوسعها وازدهارها، ولأول مرة يتحرر أصحاب المذاهب المسيحية من اضطهاد كنيسة الدولة فتنتشر مذاهبهم بحرية ويسر، واستطاع العربي بإيمانه العميق أن يكون أبلغ سفير وداعية لديانته، لا بالتبشير وإيفاد البعثات وإنما بخلقه الكريم وسلوكه الحميد. فكسب بذلك لدينه عددًا وفيرًا لم تكن أية دعاوى مهما بلغ شأوها لتستطيع أن تكسب مثله) (?).
(إن الأديرة المسيحية في سورية، التي كادت أن تنمحي في عصر الحكم المسيحي وصلت إلى ذروة عظمتها في الدولة الإسلامية، أوليس هذا بغريب؟ ) (?).
أوليس من العجيب أن نتساءل لماذا نفسر كما يحلو لنا، والعرب المسلمون قد فتحوا فعلًا جزءًا من أوربة هو الأندلس، فلم يقضوا على المسيحية التي يزعمون أن شارل مارتل قد حماها، ولم يقضوا على المدينة الغريبة التي لم يكن لها وجود؟ ) (?).
شهادة غوستاف لوبون: فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ولا دينًا سمحًا مثل دينهم (?). ويتحدث عن صور من معاملة المسلمين لغير المسلمين فيقول: وكان عرب أسبانيا خلال تسامحهم العظيم يتصفون بالفروسية المثالية، فيرحمون الضعفاء، ويرفقون بالمغلوبين، ويقفون عند شروطهم، وما إلى ذلك من الخلال التي اقتبسها الأمم النصرانية بأوربا منهم مؤخرًا. (?)