والعقود هي ضوابط الحياة التي أمر الله بها سبحانه، وفي مقدمتها عقد الإيمان بالله وتوحيده، ومعرفته بأسمائه وصفاته، والاعتراف بذلك لله عزَّ وجلَّ، ومقتضيات هذا الاعتراف من العبودية الكاملة، والطاعة المطلقة، والاستسلام لله.
هذا العقد أخذه الله على آدم - صلى الله عليه وسلم - ابتداء وهو يسلمه مقاليد الخلافة.
ثم تكرر هذا العقد مع ذرية آدم وهم بعد في ظهور آبائهم مع كل فرد كما قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)} [الأعراف: 172 - 173].
وعلى عقد الإيمان بالله والعبودية لله تقوم سائر العقود في كل أمر، وفي كل نهي، وفي كل عبادة، وفي كل معاملة، فكلها عقود ينادي الله بها الذين آمنوا أن يوفوا بها كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)} [المائدة: 1].
فالتحليل والتحريم في الذبائح .. وفي الأنواع .. وفي الأماكن .. وفي الأوقات .. كلها من العقود القائمة على عقد الإيمان بالله وحده.
اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا .. وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
اللهم إنّا نسألك إيماناً كاملاً، ويقيناً صادقاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وعملاً متقبلاً.
اللهم: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)} [آل عمران: 16].
اللهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)} [الحشر: 10].