والله عزَّ وجلَّ فعّال لما يشاء.
يفعل بالأسباب .. وبضد الأسباب .. وبدون الأسباب .. كما جعل الوطء سبباً للإنجاب، وجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وكما يقول للشيء كن فيكون، فالله لا يعجزه شيء.
وبذلك يتخلص شعور المؤمن من التعبد للأسباب، والتعلق بها.
وفي الوقت ذاته هو يستوفيها بقدر طاقته، لينال ثواب طاعة الله في استيفائها.
ومتى تخلص القلب من ضغط الأسباب الظاهرة، لم يعد فيه حمل للتوكل على غير الله ابتداء، وقدر الله هو الذي يحدث ما يحدث، والأسباب مخلوقة مأمورة، فالتوكل ينبغي أن يكون على من بيده أزمة الأمور: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13)} [التغابن: 13].
والإيمان له أثران:
فله صورة حركية ظاهرة على البدن .. كما أن له مشاعر قلبية باطنة.
فحين يذكر قلب المؤمن بالله وأسمائه وصفاته، وأفعاله وأوامره، ويعرف وعده ووعيده، وعظمته وخزائنه، يغشاه جلاله، وتنتفض فيه مخافته، ويشعر بعظمة ربه ومهابته، ويرى نعمه وآلاءه، ويرى تقصيره في طاعته.
فينبعث إلى العمل والطاعة بانشراح وسرور، ومخافة وخشوع، وحياء وانكسار.
أما الصورة الحركية الظاهرة فتتمثل فيما بينه وبين ربه بالعبادات من صلاة وزكاة، وصيام وحج، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، وجهاد ودعوة إلى الله.
وقلب المؤمن يجد في آيات القرآن ما يزيده إيماناً، ولا يحول بين الإنسان والقرآن شيء إلا الكفر.
فإذا رفع هذا الحجاب بالإيمان وجد القلب حلاوة هذا القرآن حين يعيشه واقعاً، لا مجرد تذوق وإدراك كما قال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ