السموات والأرض، قويها وضعيفها كالحية الميتة، لا تنفع ولا تضر إلا بإذن الله، ولا تعطي ولا تمنع إلا بأمر الله، وأن كل شيء بيد الله، وأن ما سوى الله ليس بيده شيء كما قال سبحانه: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54].

وقوة الإيمان تظهر إذا كانت في القلب، كالرصاص لا تظهر قوته إلا إذا كانت في البندقية، وهذا هو الإيمان الحقيقي.

فإذا توقف على كلام اللسان، وسماع الآذان، وفكر الدماغ، فذاك إيمان اللسان والأذن والدماغ، ولا تظهر قوته وآثاره إلا إذا كان في القلب كالرصاص ما دام في الجيب أو البيت لا تظهر قوته ولا آثاره، حتى يكون في محله الأصلي في البندقية.

وإذا احصل العبد على حقيقة الإيمان هانت عليه نفسه وأمواله، وبلاده وأهله في سبيل مرضاة مولاه.

والدنيا محل الكسب، والقلوب محل الإيمان، فيجب أن نجتهد على قلوبنا حتى لا يبقى فيها تأثر من غير الله من الأشخاص والأموال والأشياء.

ولما كثر الجهد على الأموال والأشياء، تأثرت القلوب بهذه الأشياء.

فقال الناس:

حاجات الدنيا تقضى بالأموال والأسباب .. وحاجات الآخرة تقضى بالإيمان والأعمال الصالحة.

وهذا خطأ، فحاجات الدنيا والآخرة لا يقضيها إلا الله وحده لا شريك له وهو على كل شيء قدير.

أحياناً يقضيها بالأسباب كما يحصل النبات من نزول الماء على الأرض، وكما يحصل الولد بالوطء، والشبع بالأكل، والري بالشرب وهكذا.

وأحياناً يقضيها بدون الأسباب: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015