وفرعون لما طغى أهلكه الله مع أن معه الملك.
ونمرود قتله الله لما كفر وأعرض عن الله مع أن معه الملك.
وهكذا القرى الظالمة أهلكهم القوي العزيز بذنوبهم مع كثرتهم وشدتهم وقوتهم، وعظمة ملكهم، وكثرة أموالهم: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)} [الكهف: 59].
فالله مع المؤمنين ولايةً وحفظاً .. ونصراً وتأييداً .. وتثبيتاً وتمكيناً: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} [النور: 55].
والمؤمنون متفاضلون في الإيمان بالله بحسب المعرفة به والمحبة له تنوعاً لا ينحصر.
بل الخلق متفاضلون متفاوتون في إيمانهم بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، وغير ذلك من أمور الغيب.
كما أنهم متفاوتون فيما يشاهدون ويسمعون ويعملون.
وكذلك هم يتفاضلون في العلم والإرادة، فإذا كان أحدهم أكثر محبة لله وذكراً وعبادة كان الإيمان عنده أقوى وأرسخ من حيث المحبة والعبادة لله، وإن كان لغيره من العلم بالأسماء والصفات ما ليس له، فصاحب المحبة والتأله يحصل له من حضور الرب في قلبه، وأنسه به ولذة مناجاته، ما لا يحصل لمن ليس مثله.
وكذلك منازل المؤمنين في الجنة متفاضلة بحسب إيمانهم ومعرفتهم وأعمالهم.
والدعوة إلى الله وإن كانت واجبة على كل مسلم إلا أنها لا تكفي في حصول الإيمان، حتى يأذن الله لمن دعوته أن يؤمن.
فهدى كل إنسان بيد خالقه الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وهو أعلم